أستحضار الأرواح بحسب اقوال من يعملون في هذا المجال يتلخص في إمكان
استدعاء أرواح البشر أو الملائكة الذين في العالم الروحي ليتقمصوا الوسطاء –
وهم أشخاص آدميون من أحياء الأرض عندهم الاستعداد الخاص لهذه الوساطة
ويتخذوا منهم أبواقاً تنقل أحاديثهم إلي سكان الأرض؟!
** فإذا عرفنا أن النفس البشرية هي أكرم خلائق الله، لأنها المخلوقة
الوحيدة التي خلقها علي صورته كشهبه ومثاله، ويسر الله أن تكرس هذه النفس
ذاتها لسكني إلهها فقط ، لا يشاركه في هذه السكني كائن أياً كان، لأن الله
إله غيور [ خر 5:20 ] لا يعطي مجده لآخر [ أش 8:42 ]
** أما الملائكة القديسون فإنهم بنعمة إلههم منزهون عن التداني والانحطاط
لدرجة التطفل لأحتلال عرش خالقهم في النفس البشرية [ أش 2:6 وحز 12:3 ] فلن
يتجاسر أحدهم علي الحلول في النفس البشرية بأي وجه من الوجوه . أما
القديسون فهم كالملائكة [ لو 35:10 و 36 ] من هذه الناحية لن يخطر علي
بالهم التطفل للحلول محل فاديهم في النفس البشرية التي هي الهيكل الخاص
لحلول الله في الإنسان [ يو 24:14 ]
** نستخلص مما تقدم أنه لا الملائكة القديسون ولا أرواح المفديين من شهداء
وقديسين يجسرون علي الحلول في النفوس البشرية بوصفها المكان المخصص لحلول
الخالق فقط، فإنكم أنتم هيكل الله الحي كما قال الله ( إني سأسكن فيهم
وأسير بينهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً ) [ كو 6: ولو 11:17 ]
وإذا رغب الملائكة أو القديسون ــ بحسب اوامر و إرادة الله وتدبيره ــ
الظهور للبشر كان لهم ذلك بطريقة ظاهرة واضحة لا دخل لها في التستر في
المخلوقات الناطقة أو غير الناطقة
من هم المتجاسرون
إذن فمن هم هؤلاء المتجاسرون علي أن يضعوا أيديهم في الصحفة مع سيدهم؟ لا
شك في أنهم أشباه يهوذا الخائن الذي سلم سيده [ مت 32:26 ] . الذي تجرد من
أبسط مباديء الآداب فكان يضع يده مع سيده في الصحفة عند الطعام ولم يضع
سكيناً علي حنجرته (أم 2:23) بل لشراهته فقد الأدب0 بعكس باقي التلاميذ
الذين لآدابهم كانوا يرفعون أيديهم من الصحفة عند وضع سيدهم يده، فهؤلاء هم
عديمو الأدب والذوق [ أم 5: 22 و 23 ] الذين تجردت قلوبهم من كل إكرام
وتقدير لربهم وإلههم .
** وإذا كان رأوبين بن يعقوب قد فقد كرامته التي لم يرعها [ مز 30:49 ] حين
أهان أباه وصعد علي فراشه فدنسه قد خسر البركة والتحف باللعنة ( فائراً
كالماء لا تتفضل لأنك صعدت علي مضجع أبيك، حينئذ دنسته، علي فراشي صعد ) [
تك 4:49 ] فإن الروح التي تجرؤ علي احتلال عرش الله في النفس البشرية هي
روح شريرة متطفلة لن تتفضل بل كتب لها الانحطاط0 والنفس التي تستسلم لابليس
[ يو 34:8 و 44 ولو 4: 6 و7 ] قيل عنها زانية خائنة عهد الرب [ أش 21:10
] . إذن فهؤلاء الذين يحلون في البشر ويتقمصون من يسمونهم ( الوسطاء)
ليسوا ملائكة قديسين ولا أرواح المفديين من شهداء أو قديسين، بل أرواح
شريرة استمرت في التمرد والعصيان والجرأة علي كرامة الخالق [ ملا 6:1 وأم
22:5 و 23 ] ( كيف سقطت من السماء يا زهرة بنت الصبح كيف قطعت إلي الأرض
يا قاهر الأمم وأنت قلت في قلبك أصعد إلي السموات أرفع كرسي فوق كواكب
الله… أصعد فوق مرتفعات السحاب0 أصير مثل العلي0 لكنك انحدرت إلي الهاوية
إلي أسافل الجب) [ أش 14: 2 – 15 ] .
ولما علمت هذه الأرواح أن في حلولها السافر كشفاً عن حقيقتها وتشجيعاً
للمؤمنين علي مطاردتها بكلمة الله لاخراجها وإرسالها إلي نطاق مواطنها
الجهنمية [ مت 29:8 ] ، عدلت في بعض شكليات حلولها في البشر للخداع
والتضليل وأعلنت أنها أرواح الملائكة القديسين أو الناس الخيرين، من عظماء
القلوب وجبابرة العقول، من شهداء وقديسين وعلماء… الخ0وعلي سبيل التعمية
لزيادة التضليل ولضمان الامعان في استعباد النفوس المنخدعة، اباحت تلك
الأرواح لنفسها إجراء عمليات شبه خيريه، كما يعمل المضللون أو المستعمرون
الغاصبون، فينشئون المدراس والملاجيْ والمستوصفات والمستشفيات، كما أنهم
يوزعون العطايا علي جواسيسهم وعيونهم وأذنابهم الخونة في البلاد المحتلة أو
المراد تضليلها لكسب أكبر عدد ممكن من الأهالي المخدوعين [ مت 15:23 ]
للسير في ركاب المستعمر لاذلال الوطن وكما أن عادة المستعمر الغاصب استنفاذ
قوي البلاد المحتلة لاشباع أنانيته وإذلال البلاد فلا تقوم لها قائمة،
هكذا غاية ابليس استنفاذ قوي النفس البشرية وطمس معالم الكرامة الانسانية
فيها لكي لا تصلح مطلقاً لسكني الله ولتظل إلي الأبد ضمن مملكة ابليس .
الحلول في النفوس البشرية حق مقدس لروح الله
القدوس يتضح علي ضوء كلمة الله أن الحلول في النفوس البشرية حق مقدس لروح الله
القدوس0 فليس لأي روح آخر – كائناً من كان – من أرواح الملائكة أو البشر أو
أي خليقة أخري، أي حق مطلقاً في الحلول في النفس البشرية0 وقد حرصت
الملائكة الأبرار والشهداء والقديسون علي كرامة الخالق فلم يخطر علي بالها
مشاركته في سكناه في النفوس البشرية. أما الأرواح الشريرة فهي التي انفردت
في تطفلها بالجرأة علي هذا الحلول المنكر، الذي يسيء إلي كرامة الله وإلي
سلامة النفس البشرية، الأمر الذي لأجله ( أظهر ابن الله لكي ينقض أعمال
ابليس) [ يو 8:3 ] . ( والكلمة صار جسداً وحل بيننا…) [ يو 14:1] . (
يسوع الذي من الناصرة كيف مسحه الله بالروح القدس والقوة، الذي جال
يصنع خيراً ويشفي جميع المتسلط عليهم ابليس…) [ أع 38:10 ] فكان له المجد
يخرج الشياطين [ مت 32:9 ] كما أعطي تلاميذه السلطان علي اخراجها [ مت 8:10
] .
يقول به أصحاب "علم استحضار الأرواح" أن عالمهم الروحي يحوي في نطاقه
الروحي الفسيح الأرجاء ليس فقط الآدميين الذين غادروا الحياة بل أيضاً جميع
المخلوقات التي تفقد حياتها في الدنيا فإن أجسامها ( الأثيرية) كالآدميين
تماماً تنتقل إلي العالم الروحي علي مثال هيئتها الدنيوية تماماً وإنما في
حالة روحية كما في أجسامنا الأثيرية، فالفار المائت هنا في الدنيا ينتقل
إلي العالم الروحي فأراً في جسم أثيري؟ والقط والكلب والشجرة والجمل
والحمار … الخ0 علي هذا المنوال؟ فهل بعد ما قراته هنا فضلاً عن الكثير
الذي لم تقرأه هنا لضيق المقام، لا يحق للمسيحية أيها الحبيب ان ترفض علم
استحضار الأرواح، وما يتعلق به من مباديء تنبذها المسيحية التي لها من
دستورها الإلهي الذي فيه الكفاية ليتجنب المفديين مواطن الزل [ أش 19:8 و
20 ]
تحضير
الأرواح في العصر الحديث
نشأت بدعة تحضير الأرواح في العصر الحديث في إحدي قري "كاليفورنيا"
بأمريكا حيث كان يقطن رجل يدعي Mr. Fox وله طفلتين هما "مرجريت" و "كيتي"
فسمعتا الطفلتين طرقات علي الباب في إحدي الليالي، ففزعوا في البداية ثم
أخذوها لعبة واستمروا يخبطوا هم أيضاً رداً علي تلك الخبطات التي سمعوها .
و ظهرت الشائعات التي تقول بأنه كان هناك رجل قد قتل في هذا الكوخ ثم ظهرت
روحه وعملت الخبطات التي سمعوها، وتفاهم الطفلان معه بالرد عليه بالخبطات…
ولما خرجوا عمموا الفكرة ونشروها وكانت النتيجة أن هذه القرية انتشرت فيها
هذه الضلالة كلها سنة 1848م .