sallymessiha ابن ليسوع بس جديد
عدد المساهمات : 39 تاريخ التسجيل : 16/07/2010
| موضوع: علاقتنا بالمسيح الأحد نوفمبر 14, 2010 2:37 pm | |
| علاقتنا بالمسيح
للأب متى المسكين في هذه العظة سأبدأ أولاً بالعلاقات الأزلية، أي علاقتنا بالمسيح اليوم القائمة على أساس علاقتنا منذ الأزل. والذي استطاع أن يكشف هذه العلاقة الأزلية بالمسيح هو القديس بولس، وعنها يقول: + «إن كنتم قد سمعتم بتدبير نعمة الله المعطاة لي لأجلكم، أنه بإعلان عرَّفني بالسرِّ. كما سبقت فكتبتُ بالإيجاز. الذي بحسبه حينما تقرأونه تقدرون أن تفهموا درايتي بسرِّ المسيح» (أف 2:3-4). وما هو سرُّ دراية بولس الرسول بالمسيح؟ أو ما هو سر المسيح؟ هذا هو عنوان هذه العظة: ”علاقتنا بالمسيح“. وقد ابتدأ بولس الرسول هذه العلاقة في الأزلية. نعم، فسرُّ المسيح هو علاقتنا نحن المؤمنين بالمسيح منذ الأزل. وكيف؟ إنه سرُّ الله الآب في محبته لبني الإنسان، إذ يقول القديس بولس في رسالته لأهل أفسس: «مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح، الذي باركنا بكل بركة روحية في السماويَّات!!» (أف 3:1): هنا أتوقَّف لحظة لأُنبِّه فكرك، أيها الراهب، الذي تريد أن يكون للمسيح علاقة بك، أن الأصل هو أن الله الآب باركنا بكل بركة روحية في السماويَّات، من تلقاء نفسه بسبب حبِّه الإلهي للإنسان. فما معنى: «باركنا بكل بركة روحية في السماويَّات»؟ معناها أن الله الآب أبا ربنا يسوع المسيح قد منحنا بركته السماوية لنكون خليقة جديدة سماوية مقبولة أمامه ومحبوبة على مستوى السمائيين؛ بل أكثر من ذلك، لأنه يقول: «بكل بركة روحية في السماويات»، أي أعلى من الملائكة ورؤساء الملائكة وكل السمائيين، وكيف؟ لأنه باركنا في ابنه الوحيد المحبوب الذي يملك كل محبة الآب، إذ يقول: «باركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح». فإن كنَّا مباركين في المسيح ابنه الوحيد المحبوب، تصبح بركتنا على مستوى بركة ابنه، وبالتالي على مستوى حب الآب لابنه. ويضيف بولس الرسول: «كما اختارنا فيه قبل تأسيس العالم، لنكون قديسين وبلا لوم قدَّامه في المحبة» (أف 4:1): ما معنى هذا؟ هذه الآية تعني أن الآب باركنا بكل بركة روحية في السماويَّات في المسيح (وزيادة على ذلك وبناءً عليه)، وقد اختارنا في المسيح منذ الأزل لنكون مستقبلاً أو في نهاية خلقتنا الجديدة أن نبلغ قامة المسيح، أي قامة ابنه الوحيد، كما يقولها بولس الرسول في موضع آخر في نفس الرسالة هكذا: «لأجل تكميل القديسين، لعمل الخدمة، لبنيان جسد المسيح، إلى أن ننتهي جميعنا إلى وحدانية الإيمان ومعرفة ابن الله، إلى إنسان كامل، إلى قياس قامة ملء المسيح» (أف 4: 13،12). ما هي نتيجة هذا؟ نتيجته أن تصل خلقتنا الجديدة إلى قامة ملء المسيح، أي أن يكون لنا الأولوية والصدارة في وقوفنا في حضرة الآب، هكذا، فنقف أمام الله الآب على مستوى القديسين الذين بلا لوم ولا عيب في المحبة الإلهية التي تملأ قلب الآب نحونا، كأبناء أخصَّاء للآب، إذ يقول بولس الرسول مُكمِّلاً: «إذ سبق فعيَّننا للتبنِّي بيسوع المسيح لنفسه، حسب مسرَّة مشيئته» (أف 5:1): فالتبنِّي لله الآب الذي تحوزه البشرية الآن معيَّن ومقرَّر سابقاً منذ الأزل، ولكن ليس عن استحقاق في البشرية إطلاقاً، ولكنه بسبب حب ومسرَّة الله الآب. بمعنى أنه عـن سـرور داخلي في قلب الله أن يجعلنا أبناء في ابنه. فيا لفرحة البشرية وسرورها بسرور الآب، أن يجعلنا أبناء له في ابنه يسوع المسيح. فشركتنا الآن مع المسيح يسوع ممتدَّة من شركتنا في اختيار الآب لنا كأبناء، أي أن شركتنا مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح معيَّنة ومثبَّتة منذ الأزل. بهذا يفتخر القديس يـوحنا الرسول ويقول إن شركتنا الآن مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح (1يو 1: 3) قد تحقَّقت بظهور الابن وظهور الحياة الأبدية فيه وهو بهيئة إنسان قد ذُبح ومات وقام. ثم اعتبر القديس بولس أن هذا الاختيار من الله الآب في المسيح منذ الأزل بكل البركات السمائية الممنوحة لنا، هو على سبيل النعمة الحُرَّة المندفقة من قلب الله نحونا، فكل هذه النعمة قائمة على أساس أننا سنبقى وندوم في مدح مجد نعمته التي أنعم بها علينا في المحبوب هكذا: «لمدح مجد نعمته التي أنعم بها علينا في المحبوب» (أف 6:1): هذا هو عملنا الوحيد الآن وإلى الأبد! أن نظل نمدح مجد نعمة الله التي سكبها علينا في ابنه المحبوب يسوع المسيح منذ الأزل. - انظروا أيها الإخوة أية نعمة هذه التي صارت وتسجَّلت لنا منذ الأزل: أن يُباركنا الله بكل بركة روحية في المسيح، ويختارنا فيه قبل إنشاء العالم، لنكون قديسين وبلا لوم أمامه في المحبة، وأن يسبق ويُعيِّننا للتبنِّي بيسوع المسيح، لنفسه وحسب مسرَّة مشيئته، لمدح مجد نعمته التي أنعم بها علينا في المحبوب. هذه شهادة السماء والروح الناطق في القديس بولس. - انظروا أنتم، يا أبناء الله، واعلموا اليوم، أنكم مُعيَّنون منذ الأزل لتكونوا قديسين وبلا لوم في ملء محبة الله التي للمسيح الذي فيكم وأنتم فيه. - فهل قبلتم هذه النعمة اليوم؟ - هل تعاهدتم في قلوبكم وضمائركم أن تكونوا حقّاً أبناء لله حسب مسرَّة مشيئته؟ - هذه النعمة معروضة عليكم اليوم، وكل يوم، فاقبلوها وعيشوا كما يحق بأخلاق ومبادئ وسلوك القديسين، كأبناء الله والحياة الأبدية التي دُعيتم إليها. بطرس الرسول يشترك معنا اليوم ويشهد عليكم أمام الله والمسيح: + «سيروا زمان غربتكم بخوف، عالمين أنكم افتُديتم لا بأشياء تفنى، بفضة أو ذهب، من سيرتكم الباطلة التي تقلدتموها من الآباء (والعالم)، بل بدمٍ كريم، كما من حَمَلٍ بلا عيب ولا دنس، دم المسيح، معروفاً سابقاً قبل تأسيس العالم (أي منذ الأزل معيَّن لفدائكم)، ولكن قد أُظهِر في الأزمنة الأخيرة من أجلكم» (1بط 17:1-20). ما معنى هذا؟ معناه توثيق من نفس الروح الذي تكلَّم في بولس الرسول، إذ تكلَّم في بطرس الرسول وزاد عليه، أن فداءكم قد تمَّ منذ الأزل بدم المسيح. فأنتم أبناء الله الحيّ المفديون بدم المسيح، أي مُصالحون في المسيح، وقد نلتم كل أسباب ومسبِّبات القداسة. فكونوا قديسين كما أن أباكم قدوس، الذي دعاكم إلى شركة قداسة في المسيح القدوس!!! بولس الرسول يشهد عليكم، وبطرس الرسول يشهد عليكم أيضاً، وأنا اليوم أشجِّعكم بشهادة بولس الرسول، أنكم أبناء الله الحي، القديسون أمامه وبلا لوم في محبة المسيح؛ وأن عملكم الوحيد هو تسبيح مجد نعمة الله التي أنعم بها الآب عليكم في ابنه المحبوب. ولكن أُحذِّركم بشهادة بطرس الرسول أنكم قد صرتم مفديين بدم المسيح لكي تكفّوا عن سيرتكم السابقة التي تقلدتموها من العالم، وأن تسيروا بخوف الله بلا عيب ولا دنس. فأنتم محسوبون قديسين أمام الملائكة والعالم. «ولكن الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات» (غل 24:5). فسيرة الرهبنة التي قبلتموها، هي بعينها صَلْب الجسد مع الأهواء والشهوات. اسمعوا بولس الرسول وهو يُحذِّر أهل كورنثوس ويكشف لهم: مَن الذين سيدخلون ملكوت الله، ومَن الذين سيُمنعون منعاً ويُحرمون حرماً مِن أن يدخلوا ملكوت الله!! هذا أُكرِّره لكي أُشهِدكم الله وأُخلِّص ضميري كأب هذا الدير والمسئول أمام الله عن دخولكم جميعاً ملكوت الله: + «لا تضلُّوا (ولا يضلُّكم أحد). لا زناة ولا عبدة أوثان ولا فاسقون ولا مأبونون ولا مُضاجعو ذكور، ولا سارقون ولا طمَّاعون ولا سِكِّيرون ولا شتَّامون ولا خاطفون يرثون ملكوت الله» (1كو 6: 10،9). فإن كنَّا نُمسَك في واحدة من هذه الخطايا المميتة بعد أن اغتسلنا (أي تعمَّدنا)، بل تقدَّسنا، بل تبرَّرنا باسم الرب يسوع وبروح إلهنا؛ فمعناه أننا نزدري بروح النعمة التي أخذناها بالعماد، وندنِّس الجسد المقدس الذي نشترك فيه على المذبح. الآن هو زمان التوبة، ولكن بعد الآن، أين نجد التوبة في غير الرهبنة؟ وإلاَّ يكون المستقبل كعيسو: «إذ لم يجد للتوبة مكاناً مع أنه طلبها بدموع» (عب 17:12). أنتم لم تجاهدوا بعد حتى الدم، كقول بولس الرسول إلى العبرانيين: «مُجاهدين ضد الخطية» (عب 4:12). هنا، وفي هذا الدير، مكانٌ للتوبة، وزمانٌ للجهاد ضد الخطية. والآن، وفي هذا اليوم، أُرشدكم بروح الله إلى كيفية الجهاد ضد الخطية: أولاً وقبل كل شيء، أؤكِّد لكم باسم المسيح وقوة الروح القدس، أنه لا يوجد في العالم مَن جاهد أو يُجاهد ضد الخطية بقوته وعافيته، إذ لا توجد قوة في العالم قد هزمت الخطية إلاَّ يسوع المسيح الذي سفك دمه ثمناً لها واشترانا من جحيم الخطية وسلطان الشيطان وإغراء العالم والجسد بدمه على الصليب. هذا هو الطريق الوحيد، طريق الجهاد ضد الخطية: أن نلتجئ إلى المسيح بكل القوة والعزم والصبر والاحتمال. كيف؟ 1. ادخل إلى مخدعك واغلق بابك وصلِّ في الخفاء إلى أبيك الذي في الخفاء، وهو يجازيك علانية. واصرخ إلى المسيح ليل نهار. هنا آتي بوعد المسيح من نحو صراخك بالليل والنهار: «أفلا ينصف الله مختاريه، الصارخين إليه نهاراً وليلاً، وهو مُتمهِّل عليهم؟ أقول لكم: إنه يُنصفهم سريعاً!» (لو 18: 8،7). 2. ولكن بماذا نصرخ؟ + نصرخ إلى المسيح أن يتولَّى جبلته التي اشتراها بدمه. + نصرخ أمامه طارحين الفكر والضمير وكل تصوُّرات العقل والنفس أن يستلمها. + نصرخ أن يُميت شهوات وأفكار ونجاسات هذا الجسد العتيق الذي أماته على الصليب حتى نحيا بالإنسان الجديد المخلوق بحسب الله في البر وقداسة الحق. + نصرخ أن يمدَّنا بنعمته وقوَّته القادرة أن تهب النفس والروح سلطان المسيح، لكي نهزم قوات الشيطان الذي يُحارب أفكارنا، راغباً أن يسبينا مرة أخرى تحت سلطان الخطية. + نصرخ إليه أن يهبنا طهارة الفكر والقلب والضمير، لكي يغسله ويُطهِّره بدمه من كل أفكار وأعمال ميِّتة. + نصرخ إليه أن يهبنا قوة على الصلاة والوقوف أمامه بالسهر والصوم، لكي يُبدِّد عنَّا كل محاربات العدو، ويهدينا إلى طريق الاستقامة والبر أمامه بقية أيام حياتنا، لنعبده بالبر والخوف، ونمجِّده ونسبِّح مجد نعمته التي أنعم الله أبوه بها علينا باختيارنا وتبنِّينا فيه. فهو حياتنا وبرُّنا ونورنا وطهارتنا وسلاحنا. هذا هو الجهاد ضد الخطية الذي أدعوكم إليه اليوم، وهو نفسه ممارسة الشركة الحيَّة مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح. لا تضلُّوا، فبدون المسيح لن يقوى إنسان على مغالبة العدو الشرير الذي له سلطان من الله على الفكر والقلب والجسد. ولن تجد المسيح خارج المخدع المُقفل، وسهر الليالي، والصوم الممدوح. أما من جهة الصوم، فعليك أن تفهم أن الراهب بمجرد أن يلبس الصليب هو مدعوٌّ من لُبَّاس الصليب. ولُبَّاس الصليب عملهم الوحيد حَمْل الصليب جيداً بكل صبر واحتمال، وتمجيده دائماً بالليل والنهار. وخارج عن الصوم لن تستطيع أن تجد القوة على حَمْل الصليب. والآن، أعود مرة أخرى إلى أساس علاقتنا بالله الآب وبالمسيح يسوع منذ الأزل، لكي نثق ونؤمن ونحيا في شركة مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح بجرأة وثقة في عبادة بقلب مفتوح وضمير مرتاح. وحتى إذا جاهدنا في الصلاة نعلم تماماً أن الآب يحبُّنا، والمسيح يستجيب لكل دعائنا وطلباتنا، لأنه يُعطي «أكثر جداً مما نطلب أو نفتكر، بحسب القوة التي تعمل فينا» (أف 20:3). آمين.
منقول
| |
|