ستفهم فيما بعد
لست تعلم أنت الآن ما أنا أصنع، ولكنك ستفهم فيما بعد ( يو 13: 7 )
نعم سنفهم فيما بعد، ونقدِّرونتفهم كل معاملات الله معنا، سنعود ونراجع ماضي تاريخنا فنرى في النور الساطع من محضره المبارك أن أشد ضربة هَوَت على رؤوسنا كانت أعظم مظهر لمحبته في ذلك الوقت.
ربما استغربت مرثا ومريم لمّا سمح الرب للموت أن يدخل دارهما. لا شك أنهما انتظرتا يومًا فيومًا وساعة بعد أخرى، وفي كل لحظة مجيء صديقهما إليهما، ولكن بدل ان يحضر ظل بعيدًا، فدخل الموت وخابت الآمال. لماذا كل هذا؟ فلنسمع الجواب من فم سيدنا المبارك: «قال لهم: لعازر حبيبنا قد نام، لكني أذهب لأُوقظهُ».
فما أرق هذه العواطف!! يا لها من نعمة بادية في هذه المحبة!! ما أحسن الصِلة التي بينه وبين عائلة بيت عنيا وبين تلاميذه أيضًا «لعازر حبيبنا قد نام». ويا له من نوم لطيف هادئ! فالموت ليس بموت في حضرة رئيس ورب الحياة، وما القبر إلا مضجعًا هانئًا «ولكني أذهب لأُوقظهُ». ولو لم يكن لعازر قد مات ما هطلت تلك الألفاظ العذبة من فم السيد. فنرى أن القبر قد أفسح المجال لظهور الله أكثر كثيرًا من فراش المرض.
هذا هو السبب في تباعد الرب يسوع عن أحبائه. قد تنتظر الفرصة المُلائمة، وهذه لا تكون إلا برقاد لعازر في القبر أربعة أيام، وقد باد كل رجاء وامل وكل الوسائط والطرق باطلة «أنا أذهب ـ لا لأقيمه من سرير المرض ـ بل لأُوقظه». فقد خلا الجو من يد البشر ليشرق مجد الله في ملء نوره .
اليست رحمة صادقة وبركة محسوسة، أن تتلاشى كل الحلول البشرية وأن يبيد كل رجاء، فيهتف الإيمان هتاف الواثق المتأكد.
وإن كانت الطبيعة ترفض ذلك، والقلب الحزين البائس يطلب ما هو من الناس، ويتوق إلى المنظور، ولكن الإيمان يجد لذته وبهجته في الاتكال المُطلق الثابت الدائم على الله وحده دون سواه.
لاتقل تركني الله في الضيقه وحدي، ولاتقل ليس هناك حلول، ولاتفقد الامل والرجاء بل انتظر الرب انتظار الواثق
وقل
في وادي المنيَّةْ لا أرهبُ البليَّةْ ففيكَ نُصرتي
يا ربُّ أنتَ قُربي فيكَ عزاءَ قَلبي
وخيرُ ربي يتَبعْ والنَّفسُ مِنهُ تَشبَعْ هوَ سعادتي
أسكُنُ بيتَ ربي لي فيهِ كلُّ الحُبِّ