الصداقـــة
^^^^^^
الصداقة احتياج نفسى ضرورى يبدأ من سن الشباب حيث توجد رغبة وطاقة لاتساع دائرة التعامل مع أناس من خارج العائلة ويوجد ميل لتكوين علاقات وثيقة مع اشخاص يختارهم الشاب بإرادته فهو يحتاج الى شخص نظيره يشعر انه يشاركه أفكاره ويستأمنه على أسراره كما انه عندما تكثر النزعات والميول الغريبة فى نفس الشاب يحتاج أن يشعر انه ليس وحيداً بل يوجد كثيرون يشاركونه نفس هذه الميول والمشاعر .
وفى الأجواء الروحية مع وجود محبة الهية تتجه لكل المؤمنين لكن تظل هناك علاقات شخصية فى الحياة الروحية والخدمة فنقرأ فى يو 13 : 23 " وكان متكئاً فى حضن يسوع واحد من تلامبذه كان يسوع يحبه " كذلك نقرأ عن داود الملك " وحوشاى الأركى صاحب (صديق) الملك " (1أخبار الأيام 27 : 33) .
أهمية الصداقة فى سن الشباب :
الصداقة علاقة هامة جداً لكنها أكثر أهمية فى بداية سن الشباب للأسباب الآتية :
- هى أهم العوامل التى تشارك فى تشكيل شخصية الشاب وفى تحديد مبادئ الحياة التى سوف تستمر مع الشخص طوال حياته فصديقك سيشارك فى تشكيل شخصيتك .
- الشباب يتأثر بأفكار وميول ومبادئ وسلوكيات أصدقائه اكثر من تأثره بالبيت (عكس الطفولة) .
- سن الشباب هى سن التقليد فالشاب يقلد اصدقائه تلقائياً سواء شعر بذلك (تقليد فى العقل الواعى) أو لم يشعر (تقليد فى العقل الباطن) .
- التنفيث عن المشاكل والمشاعر الشخصية التى ربما يخجل الشاب من الكلام عنها مع الآخرين أو مع أهل بيته .
- كذلك فى الروحيات نقرأ فى جامعة 4 : 9 " اثنان خير من واحد " وفى الخدمة نقرأ أن الرب أرسلهم " اثنين اثنين " (لو 10 : 1 كذلك إقرأ متى 11 : 2 ؛ مرقس7 : 6 ،11 : 1 ،14 : 13 ؛ لوقا 19 : 29)
من هو الصديق الذى تختاره ؟
صديقك لابد أن يؤثر فيك وتؤثر فيه فنقرأ أن "المساير الحكماء يصير حكيماً ورفيق الجهال يضر" (أمثال 13 : 20) فأى نوع من التأثير تريده لنفسك واليك بعض المبادئ الكتابية التى تضئ لك الطريق للإختيار .
الكتاب يعلمنا أن التأثير دائما ينتقل من الأردأ الى الأفضل وليس العكس فأشهر المبادئ الكتابية هو أن " المعاشرات الردية تفسد الأخلاق الجيدة " (1كورنثوس 15 : 33) والكتاب ملئ بالتحذيرات من طرق غير المؤمنين وغير الأمناء (إقرأ 2كورنثوس 6 : 14 ؛ أمثال 1 : 10 ، 4 : 14-15)
صديقك لابد أن يتفق معك فى الميول والمبادئ " هل يسير اثنان معاً إن لم يتواعدا (يتوافقا) " (عاموس 3 : 3)
أيضاً صديقك هو من يشاركك فى هدف الحياة " إن اتفق اثنان منكم على الأرض فى أى شئ يطلبانه " (مت 18 : 19) وبالتالى سيتفق معك فى خدمتك واستثمار وقت فراغك وفى تسلياتك .
صادق شخصاً يحوى فضائل تحبها وتغار بان تكون فيك فتلقائياً ستتطبع بها " حسنة هى الغيرة فى الحسنى " (غلاطية 4 : 18) .
وباختصار فصديقك الذى يستحق أن تصادقه هو من يساعدك على النمو الروحى يشجعك على طاعة الوالدين وعلى البذل والعطاء دون مقابل يساعدك على الانفصال عن العالم . يشجعك على العيشة فى سلام مع الآخرين والتماس العذر لهم والعطف عليهم هو الذى يقودك دائماً الى الشركة المستمرة مع الرب والاتكال الكلى عليه .
الصداقة وبعض مشاكلها :
1- الصداقة والاحتواء :
يحدث أحياناً فى سن المراهقة أن تسيطر على أحد الأصدقاء الرغبة فى امتلاك صديقه لدرجة أنه يغار عليه من أية علاقات أخرى أو أن يعتمد عليه اعتماداً كلياً وهذه الحالة كثيراً ما تفسد جو الصداقة النقى وهى تعبر عن حالة عدم النضوج وعدم الاستقرار النفسى وتحتاج الى مراجعة واصلاح من جانب الشخص الذى يتصرف هكذا والى حكمة وطول أناة من الصديق الآخر وروحياً يساعد على علاج هذه الحالة أن تحوى جلسات الصديقين فرصة روحية فى قراءة الكتاب والصلاة فيتعلمان معاً فى محضر الرب أن الصداقة هى مشاركة لها فوائد " لأنه إن وقع أحدهما يقيمه رفيقه ... وإن غلب أحد على الواحد يقف فى مقابلة الإثنان " (جامعة4 : 10 . 12) ، وأنها ليست امتلاكاً وبالتالى تحتمل شخصاً ثالثاً " والخيط المثلوث لا ينقطع سريعاً " (جامعة4 : 12) طالما أنها غير مبنية على الأنانية .
2- الصداقة والتبعية :
احياناً تكون الصداقة نوعاً من التبعية لشخص ما تأثيره الفكرى أو المادى على الآخرين أو له قامة روحية عالية ويصبح الشاب مسروراً لمسايرة صديقه هذا وربط اسمه به . عليك أن تتجنب هذا النوع من الصداقة إذ يجب أن تكون لك شخصيتك الواضحة المحددة وفى المجال الروحى من الخطر أن تجعل علاقتك بالرب عبر صديق لك ، بل يجب أن تكون علاقتك بالرب مباشرة وشخصية والشخص الذى يجعل علاقته مع الرب مرتبطة بصديقه فإنه إذا أتت الظروف بما يفرض انتهاء هذه الصداقة عندئذ سينكشف الحجم الروحى للشخص التابع ولوط هو أكثر الأمثلة المعروفة لذلك فقيل عنه " لوط السائر مع إبرام (وليس مع الرب) " (تكوين 13 : 5) وبمجرد أن رحل عن ابرام اندمج فى سلوكيات أهل سدوم كذلك يوآش ملك يهوذا فى زمن ملازمته ليهوياداع الكاهن " وعمل يوآش المستقيم فى عينى الرب كل أيام يهوياداع الكاهن " ولكن للآسف " وبعد موت يهوياداع جاء رؤساء يهوذا وسجدوا للملك (اصدقاء جدد تملقوه) حينئذ سمع الملك لهم وتركوا بيت الرب إله آبائهم وعبدوا السوارى والأصنام " (2أخبار الأيام 24 : 2 . 17 . 18) . إحذر من هذه الصداقة التى تعبر عن الفراغ الروحى لصاحبها ومهما تكون قوة صداقتك أو نوعية صديقك اجعل علاقتك بالرب وشركتك معه هى التى تحدد مبادئ سلوكياتك .
أعظم صديق :
" المكثر الأصحاب يخرب نفسه لكن يوجد محب ألزق من الأخ" (أمثال 18 : 24)
" ويكلم الرب موسى وجهاً لوجه كما يكلم الرجل صاحبه " (خروج 33 : 11) .
هل تعلم أن الرب يسر بأن يكون صديقاً لك لكى تتأثر به وتقلده ويشكل هو مبادئ حياتك ؟ هو مستعد أن تنمو علاقتك به ليكون هو أعظم وأغلى صديق فى حياتك " أنا أحب الذين يحبوننى والذين يبكرون الى يجدوننى " (أمثال 8 : 17) . ستستأمنه بكل اطمئنان على أسرارك وتسمع منع أروع النصائح وأصدقها " لى المشورة والرأى " (أمثال 8 : 14) سوف يبنى صداقته معك على أن يعطيك دائماً مهما كان عشمك فيه سوف يكون عتابه لك عند الضرورة أرق أنواع العتاب الذى يقول لك فيه أنه لا يستغنى عن صداقتك .
فأرجوك دعم علاقتك به فلن تندم على صداقته ولا على الوقت الذى تقضيه معه والذى سيكون أحلى أوقاتك .